جنولوجيا هي علم لاحداث ثورة في علوم الاجتماعية – قسم الأول

روزيف أحمد

 

لقد تحقق العلم بميراث تجارب المجتمع , عبر تاريخ ممتد لالاف السنين . فمن صناعة الحجر و بيد الانسان الموهوب بدا العلم و بدات التقنية , لكن تلك المرحلة و صولا الى صنع ذلك الحجر هي مرحلة موروثة . و بهذا المعنى فان العلم قد تم انتاجه بشكل الاجتماعية . خلال مرحلة العصر الامومية كانت المراة لها كيان و هوية الاجتماعية . فاغلب بناء و تطوير المعرفة و اعطاء الانتاجات حسب الظروف كانت بيد المراة . و بقيت هذه المرحلة حتى بداية المنظومة الابوية لعشرات الالف السنين , شكل الحياة الانسانية .
ان منظومة المجتمع الابوية التي يعتبر هذا التاريخ العظيم , غير معاش . تمت سرقة جميع علوم و المعارف القيمة التي كانت بيد المراة . ووصمها الرجل باسمه ضمن شكل الزقورات أي المدارسه و معسكراته و مراكز ابحاثه العلمية و جامعته تحت سلطته . ومن هنا تم تسميت الاعمال الحياتية التي تقوم بها المراة بانها اعمال خاصة للمراة . من هنا تم تصغير عقل و قوة و هوية المراة في المجتمع . اصبحت هذه المراة خلال تلك المراحل فقط للاعمال المنزلية و عدا ذلك ليس من حقها ان تشارك في ميادين المجتمع ليس فقط في المجتمع بل في جميع ساحات الحياة . اصبح عقل الرجل المكر او المسيطر , هو وحده قادر على تفكير و تحليل , لقد تم انقسام بين الذكاء التحليلي و ذكاء العاطفي , اصبح من معيب ان يفكر الرجل من ذكاء العاطفي , و بإن المرأة غير قادره على تحليل و استعمال قسم من ذكاء العاطفي . تم تهميشة المراة من كل الاساليب من علم الاساطير ( ميثولوجيا ) و من الدين و الى الفلسفة و اخيرا من العلم بانها في المثولوجيا هي الشخصية المتجسدة تيامات تقتل على يد ابنها مرودخ.وكذلك حال ايضا في الدين فقط طردت من الجنة بعد ان قطفت التفاحة من شجرة المعروفة ووهبتها لزوجها بمساعدة صديقتها الافعى . المراة ضمن تعريف (المراة هي رجل ناقص ) هذا المفهوم الذي وصفها الفلسفة بنظرة فلاسفة الرجال على تعريف المرأة .و في العلم نعلم انه حاجة للمجتمع من اجل التطوير ليس بيد من و ليس بفكر من ولكن عندما كان العلم يخطو خطوتها الاولى تم احراق المرأة ( الساحرة ) حيه على الخوازيق . و في بعض الاحيان تم حرق الفتيات امام اعين امهاتهم. نرى جميع هذه الاساليب تم تشوهيت صورة المرأة و مكانها في المجتمع و لا قيمة لها في المجتمع .
لم يعرف التاريخ انسان الى حد ما الى بعد خمسة الاف سنة تقريبا ,من اثارهم وحضاراتهم قديمة والادنى من تاريخ الانسان . وقد كان قدماء يعبدون الهة وكانت دياناتهم لا تفرق بين الذكر والانثى ,وكانت الهة قديمة الانثى هي الهة الخير والنمو وتمجيد الحياة والاخصاب والجسد ,وولادة والمطر وزرع وكانت ذات معرفة وعلم والهة لطب ومعرفتها بالمداوة عن طريق الاعشاب فثقافتها التاريخية والادبية وحولاتها الى الهة ولم ينظر الى الانثى على انها اقل من الرجل . ولا تزال ثقافة و علم المرأة الام مؤثرة كمركز حضاري في فترة المتراوحة لدى السومريين , وتتمتع بثقل يوازي ثقل الرجل , وقد انعكس ثقلها هذا على جميع الوثائق الميثولوجية , المتعلقة بتلك الحقبة , فمعابد الالهات الاناث منتشرة في كل مكان , ولم تتطور قوة التوبيخ والتعييب وقت ذاك , المحيطة بالمرأة , بل وتسرد ممارسة الجنس بشكل خاص كعملية مقدسة , تجد معناها كجماليات الحياة وقيمتها الثمينة ,

فالعلم كان موجودا قبل عصر الحديث كما ذكرنا في البداية ,في العديد من الحضارات التاريخية فكانت للمراة اسهامات وتضحيات بارزة ودورا هاما وفي جميع المجالات العلوم منذ العصور المبكرة ادت النساء دورا اساسيا في العلوم والتعليم وغالبا ما تبوئن مراكز الحساسة وساهمن من خلالها في التأثير على محيطهن لكن ، ابتداء من القرن ما بين الثالث عشر ورابع عشر تغيرت المعادلة وبدء الرجال حريصين على اخراج النساء من العلم والتاريخ واتهامها بانها الساحرة والمشعوذة والشيطانة وبان علمها لا يفيد با شيئ ,فا ينقلب الأية ,بتحويلها من الالهة الام وطب والمعرفة الى ساحرات ,أو صارو يطلقون عليهن اسم المشعوذات أوبل شيطانات ,أو بانها مسببت الكوارث والالام وعواصف .تعتبر قدسية القوة المتشكلة مع المجتمع عن ذاتها بجلاء اكبر في الشعوذة والسحر فالشعوزة هي تجربة تعزيز المجتمع لذاته فمستوى الوعي الموجود لا يمكن ادراجه حيز التنفيذ الا على الشعوذة وسحر .الشعوذة هي ام العلوم ايضا . اما المرأة التي تراقب الطبيعة عن كثب وترى فيها الحياة وتعرف الخصب والانجاب فهي الحكيمة العالمة بطراز هذا المجتمع . وما كون اغلب السحرة من الاناث سوى تعبير عن هذه الحقيقة فالمرأة هي افضل الواعين لما يجري حولها في المجتمع الطبيعي بحكم ممارستها العلمية في الحياة .تشاهد اثار المرأة على كافة المنحوتات واللقي الاثرية المتبقية من تلك الحقبة , فالكلان هي اتحاد متالف ومتكون حول المرأة الام في حين ان انجابها الاطفال وتنشئتها اياهم قد دفعها لتكون افضل جمع الثمار . وخير المعيل للأطفال وبالمقابل الاطفال لا يعرف احدا غير امه . اما الرجل فلم يكن ذا تأثير واضح بعد في النظر الى المرأة كملك له وبينما لا يعرف الرجل الذي حملت منه المرأة تكون الام المنجبة للوليد معروفة .هذه الضرورة الطبيعية تشيد بمدى قوة المجتمعية المرتكزة الى المرأة .وكون الكلمات الاصطلاحية البارزة في تلك الحقبة ذات خاصية انثوية يعد برهانا اخر على الصحة هذه الحقيقة .في حين ان سمات الرجل القتالية والتحكمية التي كانت تطورت فيما بعد تعود في اصولها الى خاصيته في صيد الحيوانات الوحشية في تلك الحقبة . فامزاياه الجسدية وقواه العضلية دفعته بل اغلب الى البحث عن الصيد في الاقاصي البعيدة . او انقاذ الكلان من المخاطر المحدقة بها ,ودفاع عنها, هذه الادوار غير التعيينية توضح الاسباب بقاء الرجل هاشميا وقتذاك .لم تكن قد تطورت بعد العلاقات الخاصة داخل الكلان . فالمكاسب مستحوذ عليها من جمع الثمار وصيد الحيوانات هي ملك الجميع . والاطفال ملك للكلان برمتها . ولم تبرز الحياة الخاصة بعد لدى كلا الجنسين والى بيئة طبيعية وقوة المرأة . خال من االاستعمار والاستغلال والقمع من اهم نقاط التي توصل العلم اليها هي ان التطور لاحق يتضمن سابقه بالتأكيد .
فالمراة هي شريحة المتضررة كثيرا جراء ذلك الى جانب المجتمع الطبيعي والميثولوجيات السومرية اشبه بالاناشيد السجينة الباكية على المراة المهزومة فقوة اينانا تتضمن الاثار المتأتية من المجتمع المتمحور حول المرأة وتعكس صراعتها الضروس تجاة المجتمع الرجولي المهيمن . وبينما كانت الالهات اناث لهن دورا بارزا . راحت بعد ذلك تخلي مكانها كليا للأرباب ذوي الهوية الذكورية بالتدريج . مرة اخرى تبرز المعابد في الصدارة المؤسسات المسرعة من السقوط المرأة ’ ففي البداية يتم استيلاء خطوة خطوة على المعابد المنتشرة في كافة الارجاء نمن قبل الراهبات باسم الالهة الام اينانا لتتحول الى بيوت دعارة ليس فقط ذلك بل تم استيلاء على كافة جوانبها علميا كان او ثقافيا في المجتمع . فالمرأة ليست مجرد تبعية ذهنية وفعلية وحسب بل ان كل عواطفها ومشاعرها حركاتها الجسدية نبرة صوتها وثيابها مرتبطة عن كثب بنمط العبودية ووضعت الحلقات المدورة في انفها وفي اذنيها وفي معصم يديها ورسغ قدميها كرموز تشير الى نير العبودية ويترسخ المفهوم الشرف والاخلاق احادي الجانب وتهمش دورها ايديولوجيا وتسلب منها كل قيمها ومبادئها لتغدو بذلك ملكية ويقد ثمنها بمقدار مهرها . فالتبعية المبتدئة في المجتمع الهرمي تمر من المعبد الرهبان ثم تحتبس في كوخ الرجل لتكتمل بعد ذلك وتنتهي بها الامر . ومن حينها تطورت هذه الحالة الثابتة الى يومنا هذا , وغدا الموضوع الاساسي , واصبحت العلم و الاداب والمدارس والتعليم والاخلاق , منصبا في توجيه المرأة وتحديد كيفية خدمتها لرجلها بكل عواطفها واحاسيسها وتصرفاتها , وذلك مع اسقاط قوتها الفكرية والعلمية الى الحد الاصغر بالطبع ,من جانب اخر , اكتسب الرجل مكانته ومنصبه , باستخدام قوته العضلية والفكرية , اما المرأة فاستعبدت كليا ببدنها وروحها وفكرها ,وبدء تكوينها بكل ما فيها حسب مشيئة الرجل وبشكل عديم الرحمة, بداء من نبرات صوتها وحتى مشيتها , ومن نظراتها وحتى جلوسها , وكان كل شيئ يقول فيها , لقد قضي علي , يبذل النظام السائد محاولات دؤوبة ومضنية وخارقة , في سبيل اطالة عمره , عبر العلم والفن , ليس من اجل تطوير العلم والفن , بل في سبيل المواصلة بحالته المتطورة

ان الذين يعيشون هذا القرن العشرين والذين تابعو العلم في مختلف فروعه عبر التاريخ لابد ان أدركو ان العلم الحديث قد كشف عن الاخطاء الفكرة القديمة مثلا التي كانت تقول بان الارض مسطحة واثبتت العلم بان الارض كروية وليست مسطحة وكذلك كشف العلم عن كثير من الافكار الخاطئة والتي كانت مقدسة او شبه مقدسة وعرف الناس بحقائق لم يكونو يعرفونها ومن اهم علامات العصر ,الحديث هي التفسيرات العلمية للكون والتطور والحياة والانسان .

قد يعجبك ايضا