مقالة عن الديموغرافيا

نظرة علم المرأة في الإنجاب و التزايد السكاني:
همرين إبراهيمِ
ينظر علم المرأة في معظم العلوم الاجتماعية والإنسانية ومن أهم العلوم التي ينظر إليها علم المرأة (الجنولوجيا) هي التعداد السكاني (الديموغرافيا) لأنه قضية المرأة و المجتمع في آن واحد وقضية السكان على علاقة قوية مع التعصب الجنسوي والأسرة . أريد أن أبدأ مقالي هذا بسؤال .
كيف لعلم الديموغرافيا أن يُدرس ويُحلّل ويطرح المشاكل ويضع الحلول لها دون المرور بالمرأة حتى , وإن ذكرت تذكر على هامش القضية رغم أنها الكيان الاساسي و الجوهري فيها وكل الذين كتبوا عن هذا العلم وطوره هم من الرجال و في داخل الأنظمة الذكورية و السلطوية.
يعتبر التزايد السكاني من إحدى المشكلات الكبيرة التي تعيشها المجتمعات في جميع العالم. إن زيادة هذا العدد أو ما نسميه بالانفجار السكاني له أسباب عديدة منها تطور المجتمعات بصورة هائلة بعد الانتقال من الثورة الزراعية إلى الثورة الصناعية وكذلك تطور العلوم و القطاع الطبي في مقدمة الأسباب لأنه بذلك قل عدد الوفيات وظلت الولادات كثيرة مقارنة بالوفيات التي كانت تحدث في الماضي.
إن نظرنا إلى علم الديموغرافيا في كل الكتب والدراسات الموجودة حاليا فإنه يهتم بمعرفة خصائص السكان المتمثلة في الحجم و التوزيع و الكثافة السكانية من خلال العوامل التي تؤثر عليها معرفتها وتقديم البيانات حولها.
من الدراسات التي يقوم بها علم السكان هي معرفة حجم السكان في منطقة ما من خلال التعداد السكاني لهذه المنطقة أو لدولة معينة أو لمجتمع معين وكذلك تهتم منظمة الامم المتحدة بمعرفة عدد سكان العالم ككل ومدى زيادة هذا الحجم أو نقصانه ودراسة الأسباب التي تؤدي إلى تغيرات في الحجم إن كانت الحروب أو الأوبئة أو الكوارث الطبيعية .
لقد ارتفع عدد سكان العالم خلال القرنين الماضيين من مليار إلى ما يقارب 7.5 مليار(1800-2020) و نصف هذا العدد في خمس دول وهي الصين و الهند والولايات المتحدة الأمريكية و اندونيسيا ومن ثم البرازيل ومن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم في 2025 إلى 8.1مليار نسمة.
كل هذا ضروري أن نعلمه وأن ندرسه لكن تناوله بهذه الطريقة العلمية البحتة البعيدة كل البعد عن مصلحة المجتمع و المرأة و إلى أين سينتهي المطاف بهما وعدم وضع الحلول هو ما خلق ويخلق المشاكل حتى الآن. يعود هذا إلى تناول كل علم على حدا وعدم الربط و النظر بشكل شامل و من كل الجهات سوية إلى الموضوع ولأن العلم المنفصل يخدم مصلحة النظام العالمي الرأسمالي الحاكم . كأن نفصل مثلا بين الطب و الفلسفة و علم الاجتماع و علم السكان و…إلخ من العلوم .
لماذا يجب دراسة علم الديموغرافيا :
يوجد في العالم مليار شخص يعاني من الجوع بشكل مزمن ويوجد أيضا مليار شخص يعيش في مناطق عشوائية اي ليس لديهم عقد ملك لمنازلهم وليس لديهم مكان خاص للتخلص من النفايات وليس لديهم مصدر آمن لشرب المياه .
يوجد مليار شخص يعاني من الأمية لم توجد له فرص للتعلم و الذهاب للمدارس و ثلثي هذه النسبة هم من النساء
ومن ثم هناك 200 امرأه إلى 2150 امرأة لا يمكنهم الحصول على موانع للحمل للتحكم بخصوبتهن ليس فقط في البلدان النامية إنما نصف حالات الحمل التي تحدث غير مخطط لها ,نسبة كبيرة جدا.
لماذا يجب دراسة علم الديموغرافيا بنظر علم المرأة( الجنولوجيا)
نستطيع أن نشرح هذه المشكلة من طرفين أساسين والذين يلعبان الدور الأساسي فيها العائلة ونظرة المجتمع من جهة و النظام الحاكم الذي يضع الدساتير و القوانين .
العائلة و نظرة المجتمع :
عند الزواج و تكوين عائلة تضم المرأة و الرجل يحدث الإنجاب بصورة تلقائية دون التفكير من الطرفين بالتأجيل أو عدد الأطفال الذين يرغبون في إنجابه أو الأهم من هذا كله لماذا سيتم انجاب هذا الطفل وماهي أهداف وخطة الحياة للعيش سويا. ليست هناك إجابات منطقية صادرة عن تفكير عقلاني أو عن مبدأ يملكه الشخص و السبب الوحيد أو الإجابة التي تكاد أن تكون فريدة ووحيدة في مجتمعاتنا هي أنها سنة الحياة ولكي يعتني الأطفال بآبائهم و أمهاتهم عندما يكبرون أي يفكرون بأنفسهم ومصالحهم فقط وعادة يكون الرجل هو صاحب القرار في الحمل أو عدمه دون نقاش أو تفاهم حتى وإن قرر عدم الإنجاب فالمرأة هي المسؤولة ويجب أن تتناول الأدوية و تطبق وسائل منع الحمل وكأنه هو ليس طرف من هذا الأمر , للأسف تكون المرأة أيضا مجبولة منذ الصغر على هذه العادات و التقاليد و التي تجد نفسها فقط أداة للإنجاب و مهمتها الأساسية في هذه الحياة هي تكوين عائلة لإنجاب الأطفال وتربيتهم .
من أهم العبارات و المفاهيم التي نسمعها عند سؤال الأب أو الأم عن السبب في كثرة الأطفال يقولون “الله هو الذي يرزقنا إياه وهو يعطي رزقه”. نجد أن المجتمعات الفقيرة في البلاد النامية هي التي تكثر من الإنجاب وكلما زاد الوعي و تحسن الوضع المعيشي للعوائل تقلل من الإنجاب كما يحدث الآن في البلدان الواعية.
النظام الحاكم ووضع الدساتير و القوانين:
إن صورة العائلة و أفكارها و نمط عيشها هي من صنع الأنظمة الحاكمة و التي هي في كل العالم نظام ذكوري متسلط استبدادي فجعل من الرجل المتحدث ب اسمه في العائلة وهو مالك الدولة الصغيرة ويتحكمون بزيادة التعداد السكاني متى يشاؤون حسب مصالحهم السياسية و الاقتصادية .
على سبيل المثال تحريم الإجهاض وعدم وجود الوعي الكافي لتنظيم الاسرة في المجتمعات الفقيرة وحتى عدم توفر الامكانيات لزيارة الطبيب أو حتى توفر وسائل منع الحمل.
عندما نذكر قضية الإجهاض في المجتمعات ليس تشجيعا على الإجهاض بل نشجع على توعية المرأة و المجتمع بشكل كامل على تنظيم الأسرة و التقليل من الإنجاب قدر المستطاع لأننا في المجتمعات الشرق أوسطية نركز على الكم وليس النوع فمثلا يذكر القائد عبدالله أوجلان في كتابه بأن إنجاب طفل واحد لكل عائلة يفي بالغرض أو حتى عدم إنجابه مؤكدا على النوع وليس الكم فتربية شخص واع لمجتمعه و مشاكله و جعله شخص فعال ذو هدف وتأثير في الحياة أفضل من عشرة أشخاص يصعب تربيتهم و جعلهم أناس فعالين .إن الاستمرار في إنجاب المواليد إلى هذا العالم المزدحم بالسكان أصلا يمكن أن نعتبره أمر غير مسؤول و لامبالي لأنه يعني أن نجلب طفل إلى عالم تعيس وسيؤدي به إلى مستقبل تعيس أيضا لأن زيادة السكان تعني مجاعة أكبر وحروب وفقر و أمية أكثر.
من أجل كل ما ذكر يجد علم المرأة أنه يجب أن يكون قرار الإنجاب أو عدمه بيد المرأة لأنها المتضرر الكبير من هذا الإنجاب وتقع مسؤولية إنجابه وتربيته عليها وعلى جسدها لهذا علينا نحن النساء فهم هذا الموضوع جيدا و استيعاب ما يمارس علينا وعلى أطفالنا و أجسادنا من سياسات خاطئة ولا إنسانية لذلك وجدت الجنولوجيا من مهاتها الأساسية تسليط الضوء على هذا العلم كونه جزء هام من علم الاجتماع الذي يهتم بالتجمعات البشرية و تركيبها و تطورها سوف تكون نظرة الجنولوجيا بمثابة تحليلات و آراء تعدل من السياسات الممارسة على المرأة لتوعيتها والسعي إلى وضع دساتير وقوانين تضمن حقوقها وتوعيتها وتعليمها لتملك قراراتها .

قد يعجبك ايضا